القرآن الكريم هو الكتاب السماويّ المقدّس في الإسلام، والمصدر الأول للتشريع، وقد أُوحيَ للنّبيّ محمد عليه السلام بواسطة الملك جبرائيل عليه السلام خلال فترة نُبُوَّته التي دامت (23) سنة؛ والقرآن بألفاظه هو كلام الله، ومعجزة النبي صلوات الله عليه وآله وهو الكتاب السماوي الأخير.
يتفق المسلمون على أنّه كلام الله بمضمونه وألفاظه، وأنّه من المعاجز الأساسية التي أتى بها الرسول الأكرم محمد صلى الله عليه وآله، بحيث لا يمكن لأحدٍ من الخلق أن يأتي بمثله، ومن أهم وجوه الإعجاز: الإعجاز اللغوي والبلاغي، وما جاء به من أخبار القرون والأمم البائدة، والإعجاز على المستوى العلمي (الإخبار عن القوانين الكونية) والتشريعي (الجامعية في التشريع).
كانت الآيات القرآنية تكتب على الرقاع (قطعةٌ من الورق أو الجلد يكتب فيها) والأكتاف وَاللِّخَاف (حجارة بيض رقاق) في عهد الرسول، حيث يتألف القرآن من (114) سورة في أكثر من (6000) آية، ويُقسّم إلى (30) جزء و (120) حزب، ومن أهم ما ورد في القرآن الكريم: العقيدة وقصص الأنبياء والأحكام والمواعظ الأخلاقية.
تمت ترجمة القرآن الكريم إلى لغات عدة، منها الفارسية (القرن الرابع)، واللاتينية (القرن السادس للهجرة / الثاني عشر للميلاد). وطُبع في ايطاليا للمرة الأولى في سنة 950 هـ/1543م، وفي سنة 1200هـ كانت طبعته الأولى على يد المسلمين وتحديداً في سانت بطرسبرغ في روسيا.
نشأت بفضل القرآن الكريم عدة من العلوم وساهم القرآن في نشأة بعضها الآخر، ومن هذه العلوم: علم التفسير، علوم القرآن، علم البلاغة وعلم النحو وعلم القراءات.
ويحتل القرآن الكريم مكانة معنوية كبيرة في نفوس أتباع الدين الإسلامي، فهو المصدر الأساسي لتنظيم حياتهم الفردية والاجتماعية، وله أهمية خاصة في حياة المسلم، وله أحكام محددة في الشريعة الإسلامية (خصوصاَ في الصلاة)، وتتم تلاوته في المناسبات الاجتماعية أيضاَ كعقد القران والمآتم.
من أبرز مظاهر الفن الإسلامي: الأعمال الفنية التي تتعلق بالقرآن الكريم كفن تخطيط الآيات وتذهيبها، وتجليد المصحف، واستخدام بعض نصوصه في فنون العمارة. وللقرآن تأثير واضح الفنون الأدبية أيضاَ.
القرآن لغويا…
وقع الخلاف في هل أنّ كلمة “القرآن” مشتقة من كلمة أخرى أم وضعت كما هي على معناها؟ فمنهم من ذهب لكونها اسم علم، وضعت بدون اشتقاق على كلام الله، من قبيل المرتجل، ومنهم من قال أنّها مشتقّة، واختلفوا في مصدر اشتقاقها على وجوه:
1. مشتقّة من قَرَنتُ الشيء بالشيء أي ضممته إلية، لأنّ السور والآيات فيه مُنضَمٌ بعضها إلى بعض.
2. مشتقّة من القَرَائِن، لأنّ الآيات فيه يصدّق بعضها بعضًا.
3. مشتقّة من القَرْء الذي يعني الجمع، وهو وصف على وزن فعلان.
4. مشتقّة من القِرَاءة، وهو مصدر مهموز على وزن غفران.
القرآن اصطلاحا…
عُرّف القرآن اصطلاحاً بأنّه: “كلامُ الله المنزل على رسوله محمد صلى الله عليه وآله، المكتوبُ في المصاحف”.
أسماؤه وصفاته
للقرآن عدة أسماء وصفات، وقد ذكرت ضمن آيات القرآن الكريم، من جملتها:
1. الفرقان: كما قال تعالى ﴿تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِةِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا﴾.
2. الكتاب: كما قال تعالى ﴿ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فيه هدى لِلْمُتَّقِينَ﴾.
3. الذكر: كما قال تعالى ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا له لَحَافِظُونَ﴾.
4. وهناك تسميات أخرى اختلف في كونها اسمًا للقرآن أم هي صفة له، منها:
5. كلام الله: كما قال تعالى ﴿وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْةُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللهِ ثُمَّ أبلغه مأمنه ذَلِكَ بأنهم قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ﴾.
6. التنزيل: كما قال تعالى ﴿وإنه لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾، وقوله تعالى ﴿لَا يأتيه الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْةِ وَلَا مِنْ خَلْفِةِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾.
7. النور: كما قال تعالى ﴿يَا أيها النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ برهان مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا﴾.
8. الموعظة: كما قال تعالى ﴿يَا أيها النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وهدى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾.
وتبقى التسمية المختصة بكتاب الله هي “القرآن”، وباقي التسميات هي أعم في معناها من القرآن الكريم.
اما صفاته فهي:
1. العظيم: كما قال تعالى ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ﴾.
2. الكريم: كما قال تعالى ﴿وإنه لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ () إنه لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ﴾.
3. المبين: كما قال تعالى ﴿تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ﴾.
4. الحكيم: كما قال تعالى ﴿يس () وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ﴾.
5. المبارك: كما قال تعالى ﴿كِتَابٌ أنزلناه إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياته وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾.
6. المجيد: كما قال تعالى ﴿وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ﴾.
7. العزيز: كما قال تعالى ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جاءهم وإنه لَكِتَابٌ عَزِيزٌ﴾.
8. الهدى: كما قال تعالى ﴿ألم () ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فيه هدى لِلْمُتَّقِينَ﴾.
9. الرحمة: كما قال تعالى ﴿الم () تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ () هدى وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ﴾.
وغيرها من الصفات الكثيرة، من قبيل “الشفاء” و”البلاغ” و”البشير” و”النذير” و”البصائر”.
عبد الحسن سلمان الشمري